الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحرّ: حمادي الجبالي وعلي العريض ومهدي جـمـعـة تركوا الإعلام المستقل في خطر

نشر في  24 سبتمبر 2014  (12:04)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


بعد 25 سنة من الوجود والنضال والأخطاء والنّجاحات ستنسحب «أخبار الجمهورية» الورقيّة ـ وبكلّ أسف ـ من السّوق بعد أسابيع.


مسؤولية الجبالي والعريض وجمعة

بعد الثورة وفي ظروف صعبة، لم تتخذ حكومتا حمادي الجبالي وعلي العريض أيّ قرار لتنظيم الاشهار العمومي لأنّهما كانتا حريصتين على إركاع هذا القطاع حتى يحكما قبضتهما عليه.. وقد نظّم حزب النهضة في عدّة مناسبات مظاهرات للتنديد بما أسماه «إعلام العار» الذي لا يخدم  مصالحه ولا مصالح الفاشية الدّينية التي حاولت إرساءه.. وكلّنا نتذكّر تهديدات النهضوي الحبيب اللوز في القصبة ضدّ الإعلاميين وكذلك تصريحات قياديي النهضة وحزب المرزوقي وحتى حزب بن جعفر ضدّ الإعلام الحرّ والمستقلّ، لأنّ حلم الترويكا الفاشلةكان القضاء على الجرائد المستقلة مثل «أخبار الجمهورية» و«المغرب» و«آخر خبر» والإذاعات والتلفزات حتى تتمكّن من توجيه الرأي العام وتواصل تربّعها على العرش وخدمة مشروع فاشي أدّى إلى انتشار العنف والإرهاب والتهاب الأسعار والمحسوبيّة والمديونية القاتلة وإلى تدمير جزئي للإدارة، كما سمح بتشغيل الأقارب والأحباب وتهجير الشّباب لـ«الجهاد» في سوريا!
ولولا تصدّي الإعلاميين واتحاد الشغل والمجتمع المدني والأحزاب الديمقراطيّة، ثمّ برور نداء تونس لحصلت الكارثة وأصبحت تونس دولة دينيّة يتحكّم فيها الجهلة وعبدة العنف والانتقام!

وفي عهد الجبالي والعريض والترويكا تمّ السطو ـ وان كان نسبيا ـ على بعض التلفزات والإذاعات وحتى الصحف خدمة لمشروع رجعي وظلامي، مع المحافظة على هامش من الحرية.. وفي الوقت نفسه برزت وسائل اعلام جديدة وأخرى مختصّة في هتك الأعراض لم يعرفها  تاريخ تونس المعاصر وأغلبها مموّلة من المال القذر أو الفاسد!
وقد رفض الجبالي والعريض تنظيم الإعلام العمومي وتقنينه حتى يتخلصا من وسائل الإعلام التي لم تدخل بيت الطاعة، علما انّ الصحف في العالم لا يمكنها ان تواصل نشاطها إذا لم تضمن 60 ٪ على الأقل من مداخيلها من الاشهار! ولقد واصلت «أخبار الجمهورية» نضالها الإعلامي في ظروف صعبة لسببين اثنين: أوّلهما المحافظة على التعدّدية الإعلاميّة وثانيهما الحفاظ على مواطن شغل اعلاميين وموظّفين وتقنيين ممتازين ضحوا بالكثير وقبلوا رواتب منخفضة حتى لا تزول مؤسّستهم وهم مشكورون على تضحياتهم وأعتبرهم شخصيّا مناضلين وأبطالا، وللتذكير فإنّ مبيعاتنا ممتازة لكن نحن بحاجة للإشهار والاشتراكات!
أما حكومة السيد المهدي جمعة فقد رفضت وترفض إلى يومنا هذا تنظيم الاشهار العمومي لأسباب ايديولوجيّة وغير مقنعة رغم اقتراحات أهل المهنة، وكأنّها تنفذ استراتيجية البنك العالمي التي تدعو الى ترك المؤسسات تستمرّ أو تموت إذا لم توفر المداخيل الكافية لضمان بقائها، وهو ما سيدمّر الإعلام الحرّ المهدّد بالمال القذر إلا إذا رضخ لمال المافيا السياسية والاقتصادية..

إنّ رئيس الحكومة هو اليوم مسؤول عن تردّي قطاع الإعلام المكتوب وسيكون مسؤولا مباشرة عن مستقبل 20 إعلاميّا وتقنيا إذا غابت «أخبار الجمهورية» عن الساحة.. فليقدّم السيد جمعة لهم أجورهم مثلما يقدّمها لأبنائه!
 برفضه تنظيم القطاع أثبت جمعة أنّه يفتقر لأيّ ثقافة سياسية وديمقراطيّة واجتماعيّة ليكون رئيس الحكومة التونسية، ويبقى سؤال مطروحا: ماذا فعلت الجمعية التونسية لمديري الصحف لإنقاذ القطاع وهي في ذلك شبيهة بجمعيّات سابقة لمديري الصّحف دافعت بشراسة عن مصالح أعضائها فقط.
وعلى نفس القدر من المسؤولية، هناك رجال أعمال رفضوا مدّنا بالاشهار إمّا لأنّهم لم يقبلوا انتقاداتنا في مجال الرّياضة، أو هناك آخرون قد يكونون خائفين من الترويكا وخاصّة من النّهضة!
لقد كان على الحكومة ورجال الأعمال الوطنيين ان يساندوا قطاع الإعلام المكتوب الذي ينافسه «الفايس بوك» والإذاعات والتلفزات، وكل هذه الوسائل تقدم معلومات بصفة مجانية في حين انّ الطبقات الوسطى أصبحت ـ عموما ـ  غير قادرة على اقتناء جريدة.. وأمّا المثقفون فهم يتجنّبون اقتناء الجرائد الوطنيّة لأنّهم «أوفياء» للجرائد الأجنبية التي تعكس «مستواهم الرفيع»!
ومهما يكن من أمر سأواصل نضالي السياسي بطرق أخرى لأنّي أحبّ بلادي وسأكون في المعارك والمواعيد ان شاء الله..  علما انّ الجمهورية الالكترونيّة ستواصل نشاطها.